آيات القرآن الكريم

خالدالطيب

شخصية هامة
آيات القرآن الكريم


آيات القرآن الكريم

بعث الله تبارك وتعالى النبيين بآيات بينات للأمم البشرية تباعا كل حسب ما تقتضيه المشيئة والحكمة الإلهية.


الغرض الرئيس من هذه الآيات هو "هداية" الناس بإظهار "معجزات".


تنقسم الآيات إلى قسمين. الأول مادي ملموس كالمائدة وعصا موسى وناقة صالح وولادة عيسى بغير أب وإبراءه للأكمه والأبرص وإحياءه للموتى بإذن الله تعالى، وهكذا.

والثاني روحاني غير مرئي كنبوءات أنبياء بني إسرائيل ورؤى يوسف ونبينا الكريم عليهم الصلاة والسلام.


ولقد اجتبى واستأثر تبارك وتعالى سيدنا محمد ومن بعده أمته بآيات القرآن الكريم. فهداية وإعجاز أمة الإسلام تمت بالفكر والعقل والتدبر بدلا من المادة، وهذا إكرام عظيم منه تعالى لأمتنا لم يكرم به أحدا من قبلنا.

نبين في هذا المقال إن آيات القرآن الكريم تغني الأمة الإسلامية عما سواها من آيات مادية، وأن لا آيات مادية كونية لنبينا الكريم ولا لأمته من بعده إلى يوم الدين.

يدخل ضمن هذه الآيات المادية خروج الدابة والدجال ونزول عيسى ابن مريم آخر الزمان. فنحن نثبت وقوع هذه الآيات بالمعنى المجازي العقلي والفكري والإيماني ونرد على من يقول بظهورها الحرفي المادي.



الدليل الأول:


كرامة وقدسية ومكانة كلام الله تبارك وتعالى وإعجازه.
فقد سميت جمل القرآن الكريم المرقمة والبالغ عددها 6236 بالآيات المنزلات من عنده تعالى. فإن جعل تبارك وتعالى لكل نبي بضعة آيات موضعية ممحوة، فقد جعل لنبينا الكريم 6236 آية معجزة خالدة للناس كافة.

وهذه الآيات كلام الله تبارك وتعالى المحفوظ. فهل من آية مادية مخلوقة أكبر وأعظم تأثيرا في هداية الناس وأكبر إعجازا من كلامه المباشر عز وجل؟


فقد جاء في القرآن ما لا يحصى في هذا المقام ارتباط كلمة القرآن بالهدى والإعجاز وأن القرآن آية كافية:


لَوْ أَنْزَلْنَا هَذَا الْقُرْآَنَ عَلَى جَبَلٍ لَرَأَيْتَهُ خَاشِعًا مُتَصَدِّعًا مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ (الحشر:21)


هَـذَا بَيَانٌ لِّلنَّاسِ وَهُدًى وَمَوْعِظَةٌ لِّلْمُتَّقِينَ {آل عمرن:138}


إِنَّ هَذَا الْقُرْآَنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا كَبِيرًا (الإسراء:9)


تِلْكَ آَيَاتُ اللَّهِ نَتْلُوهَا عَلَيْكَ بِالْحَقِّ فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَ اللَّهِ وَآَيَاتِهِ يُؤْمِنُونَ (6) وَيْلٌ لِكُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ (7) يَسْمَعُ آَيَاتِ اللَّهِ تُتْلَى عَلَيْهِ ثُمَّ يُصِرُّ مُسْتَكْبِرًا كَأَنْ لَمْ يَسْمَعْهَا فَبَشِّرْهُ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ (الجاثية:8)

وَلَقَدْ صَرَّفْنَا فِي هَذَا الْقُرْآَنِ لِيَذَّكَّرُوا وَمَا يَزِيدُهُمْ إِلَّا نُفُورًا (الإسراء:41)


قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآَنِ لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا (88) وَلَقَدْ صَرَّفْنَا لِلنَّاسِ فِي هَذَا الْقُرْآَنِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ فَأَبَى أَكْثَرُ النَّاسِ إِلَّا كُفُورًا (الإسراء:89)


وَمَا كَانَ هَذَا الْقُرْآَنُ أَنْ يُفْتَرَى مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلَكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ الْكِتَابِ لَا رَيْبَ فِيهِ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ (37) أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِثْلِهِ وَادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (38) بَلْ كَذَّبُوا بِمَا لَمْ يُحِيطُوا بِعِلْمِهِ وَلَمَّا يَأْتِهِمْ تَأْوِيلُهُ كَذَلِكَ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الظَّالِمِينَ (يونس:39)


نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَقُولُونَ وَمَا أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِجَبَّارٍ فَذَكِّرْ بِالْقُرْآَنِ مَنْ يَخَافُ وَعِيدِ (ق:45)




كما استنكر القرآن الكريم عدة مرات طلب الكفار آيات مادية، فلماذا يطلبها الناس بعد هذا الاستنكار الإلهي العظيم؟


وَقَالُوا لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى تَفْجُرَ لَنَا مِنَ الْأَرْضِ يَنْبُوعًا (90) أَوْ تَكُونَ لَكَ جَنَّةٌ مِنْ نَخِيلٍ وَعِنَبٍ فَتُفَجِّرَ الْأَنْهَارَ خِلَالَهَا تَفْجِيرًا (91) أَوْ تُسْقِطَ السَّمَاءَ كَمَا زَعَمْتَ عَلَيْنَا كِسَفًا أَوْ تَأْتِيَ بِاللَّهِ وَالْمَلَائِكَةِ قَبِيلًا (92) أَوْ يَكُونَ لَكَ بَيْتٌ مِنْ زُخْرُفٍ أَوْ تَرْقَى فِي السَّمَاءِ وَلَنْ نُؤْمِنَ لِرُقِيِّكَ حَتَّى تُنَزِّلَ عَلَيْنَا كِتَابًا نَقْرَؤُهُ قُلْ سُبْحَانَ رَبِّي هَلْ كُنْتُ إِلَّا بَشَرًا رَسُولًا (93) وَمَا مَنَعَ النَّاسَ أَنْ يُؤْمِنُوا إِذْ جَاءَهُمُ الْهُدَى إِلَّا أَنْ قَالُوا أَبَعَثَ اللَّهُ بَشَرًا رَسُولًا (الإسراء:94)


فتأمل ذكر الهدى (القرآن) بعد استنكاره تعالى على الكفار طلبهم آيات مادية، بمعنى أن آيات القرآن الكريم أعلى مكانة وإعجازا مما يطلبون.




كما بين القرآن الكريم أن هذا القرآن أعظم من أية مادية منظورة:


وَلَوْ أَنَّ قُرْآَنًا سُيِّرَتْ بِهِ الْجِبَالُ أَوْ قُطِّعَتْ بِهِ الْأَرْضُ أَوْ كُلِّمَ بِهِ الْمَوْتَى بَلْ لِلَّهِ الْأَمْرُ جَمِيعًا ... {الرعد:31}


فمن عظمة القرآن الكريم أنه لو من شيء يسير الجبال ويقطع الأرض ويكلم الموتى لكان هذا الشيء هو القرآن.



فإن آمنا بهذا فنسأل: لم تحتاج الأمة لآيات مادية بعد هذا؟


فالقول بوجود آيات كونية لأمة الإسلام ينقص من قدر القرآن الكريم المعجز بحد ذاته في قلوب الناس.




الدليل الثاني:

بين لنا تعالى صراحة وبأمر إلهي كريم أنه لم ولن يرسل آيات ومعجزات كونية للأمة الإسلامية كما أرسل للأمم السابقة:


وَمَا مَنَعَنَا أَنْ نُرْسِلَ بِالْآَيَاتِ إِلَّا أَنْ كَذَّبَ بِهَا الْأَوَّلُونَ وَآَتَيْنَا ثَمُودَ النَّاقَةَ مُبْصِرَةً فَظَلَمُوا بِهَا وَمَا نُرْسِلُ بِالْآَيَاتِ إِلَّا تَخْوِيفًا (الإسراء:59)


فمعجزة القرآن الكريم الخالدة هي آيتهم، وكفى بها معجزة خالدة.


الدليل الثالث:


آيتان كريمتان وردتا بصيغ متشابهة في سورة الرعد:


وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلَا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آَيَةٌ مِنْ رَبِّهِ إِنَّمَا أَنْتَ مُنْذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ (7)


وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلَا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آَيَةٌ مِنْ رَبِّهِ قُلْ إِنَّ اللَّهَ يُضِلُّ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَنْ أَنَابَ (27)



الشطر الأول من الآيتين الكريمتين يسأل الكفار فيهما عن آية، والشطر الثاني منهما يجيب على سؤالهم بعبارات الهداية. ولأن آيات القرآن الكريم مترابطة في كل أمر، فتكون الهداية في الشطر الثاني هو الآية المطلوبة. أي يطلب الكفار آية مادية، فيأتيهم الرد قاسيا أن الآية هي الهداية بالقرآن لا غير، فاهتدوا بها أو لا تهتدوا فقد جاءكم النذير.


رابعا:

قد تفاجأ إذا علمت إن عبارة {ءَايَتُ القُرءَانِ} لم ترد في أي موضعٍ آخر من المصحف غير الآية الأولى من النمل!


طس تِلْكَ ءَايَتُ القُرءَانِ وَكتـابٍ مُّبِينٍ {1}


فما هي {ءَايَتُ القُرءَانِ} في السورة؟


هذا ما أجيب عليه تالياً ...


لو بحثنا عن كلمة {القُرءَانِ} في سورة النمل فسنجدُ أنها وردتْ 4 مرات وجاءَ ورودها مرادفاً لمعنى "الهدى" في جميع الحالات الـ 4 كما يلي:


الورودُ الأول لكلمة "القرءان" :

طس تِلْكَ آَيَاتُ الْقُرْآَنِ وَكِتَابٍ مُبِينٍ (1) هُدًى وَبُشْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ (2)


الورودُ الثاني لكلمة "القرءان":

وَإِنَّكَ لَتُلَقَّى الْقُرْآَنَ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ عَلِيمٍ (6) إِذْ قَالَ مُوسَى لِأَهْلِهِ إِنِّي آَنَسْتُ نَارًا سَآَتِيكُمْ مِنْهَا بِخَبَرٍ أَوْ آَتِيكُمْ بِشِهَابٍ قَبَسٍ لَعَلَّكُمْ تَصْطَلُونَ (7)


فأين الهدى في السياق الكريم؟ الجواب يأتي من سورة أخرى هي طه:


وَهَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ مُوسَى (9) إِذْ رَأَى نَارًا فَقَالَ لِأَهْلِهِ امْكُثُوا إِنِّي آَنَسْتُ نَارًا لَعَلِّي آَتِيكُمْ مِنْهَا بِقَبَسٍ أَوْ أَجِدُ عَلَى النَّارِ هُدًى (10)

فرؤية موسى للنار في الحقيقة ارتبطت بالهدى في سورةٍ أخرى وهي طه ... فارتبط ذكر القرآن بالهدى في الورودِ الثاني ...



الورودُ الثالثُ لكلمة "القرءان" :

إِنَّ هَذَا الْقُرْآَنَ يَقُصُّ عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَكْثَرَ الَّذِي هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ (76) وَإِنَّهُ لَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ (77)



الورودُ الرابعُ لكلمةِ "القرءان":

وَأَنْ أَتْلُوَ الْقُرْآَنَ فَمَنِ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَقُلْ إِنَّمَا أَنَا مِنَ الْمُنْذِرِينَ (92) وَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ سَيُرِيكُمْ آَيَاتِهِ فَتَعْرِفُونَهَا وَمَا رَبُّكَ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ (93)



وبهذا أثبتنا إنَّ كلمة {القرآن} وردتْ 4 مرات في سورة النمل وجاءَ ورودُها جميعاً مرادفاً للهُدى الذي يُشيرُ إلى هُدى أمَّة سيدينا محمد عليه الصلاة والسلام ... وهذه هي {آيات القرآن}... فـ {آيات القرآن} مرتبطة ارتباطاً وثيقاً بالهُدى ...



بعد كل هذه الأدلة نسأل لماذا يروق للناس دوما البحث عن آيات مادية؟ بل ومستعدة لجعل كل ما ذكرته خلف ظهورها في سبيل ذلك؟


ونختم بخير القول:


وَإِنْ كَانَ كَبُرَ عَلَيْكَ إِعْرَاضُهُمْ فَإِنِ اسْتَطَعْتَ أَنْ تَبْتَغِيَ نَفَقًا فِي الْأَرْضِ أَوْ سُلَّمًا فِي السَّمَاءِ فَتَأْتِيَهُمْ بِآَيَةٍ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَمَعَهُمْ عَلَى الْهُدَى فَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْجَاهِلِينَ (35) إِنَّمَا يَسْتَجِيبُ الَّذِينَ يَسْمَعُونَ وَالْمَوْتَى يَبْعَثُهُمُ اللَّهُ ثُمَّ إِلَيْهِ يُرْجَعُونَ (36) وَقَالُوا لَوْلَا نُزِّلَ عَلَيْهِ آَيَةٌ مِنْ رَبِّهِ قُلْ إِنَّ اللَّهَ قَادِرٌ عَلَى أَنْ يُنَزِّلَ آَيَةً وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ (الأنعام:37)




سبحانه وتعالى

تثنت الصدور خشوعا من جلاله والرقاب

واقشعرت الأبدان لجلاله وإكرامه وإحسانه وآياته العجاب

تلألأت أنواره
ضجت وتفجرت وشعشعت وتغنت وازدانت بالحياة والحسن والجمال والبهاء مخلوقاته



والحمد لله رب العالمين
والصلاة والسلام على سيد المرسلين محمد المصطفى الأمين
وعلى آله وصحبه ومن سار على هديه إلى يوم الدين
 
الوسوم
آيات القرآن الكريم
عودة
أعلى