إسلام زيد بن حارثة رضي الله عنه

صفا النعمان

الادارة
طاقم الإدارة
إسلام زيد بن حارثة رضي الله عنه


?? هذا الحبيب ♥️ « ٤٦ »
السيرة النبوية العطرة
(( إسلام زيد بن حارثة رضي الله عنه وأرضاه ))

? من هو هذا الصحابي الجليل زيد بن حارثة ، يجب علينا أن نعرف قصته بالتفصيل ، والسبب أن أحداث ومواقف كثيرة ستمر معنا بالسيرة ، يجب أن نعرف أساسها .

? من هو زيد ؟؟ ولماذا كانت قريش تناديه زيد بن محمد ؟؟
زيد أصله عربي وليس من العجم ، لأن العرب لا يبيعون أولادهم ، وكان الذي يبيع أولاده هم العجم ، فكيف أصبح زيد رقيق يباع ويشترى ؟

? أصله من صميم العرب ولكنه ليس من قريش اسمه زيد بن حارثة بن شرحبيل بن كعب الكلبي . وقصته بدأت لما كانت أمه في زيارة عند أهلها عند قبيلتها ( أي قبيلة اخرى غير قبيلة أبوه ) .
كان العرب في الجاهلية يهجمون على بعضهم البعض كل فترة يسمى هذا الهجوم غارة ، فيأخذون السبايا ويقتلون وينهبون ( هكذا كانت العرب قبل ان يؤدبهم الإسلام ، كانوا أشداء على بعضهم البعض أذلاء على عدوهم ، هذه صورتهم قبل الإسلام ) .

? هجمت عليهم قبيلة وغارة عليهم وقتلوا فيهم ونهبوا ، فكان زيد من ضمن هذا السبي ، خطفوه من حضن امه وذهبوا به إلى سوق عكاظ ليباع زيد مع الخدم ،
فلما عرضوا زيد للبيع . كان في السوق رجل يقال له حكيم تكون السيدة خديجة رضي الله عنها عمة حكيم ، فاشترى حكيم من السوق أكثر من خادم ، وكان قد رجع من سفر ، فأراد قبل ان يصل مكة يتسوق في سوق عكاظ ط.

? من ضمن العبيد الذين اشتراهم زيد بن حارثة رضي الله عنه ، كان عمره ٨ سنين ( طفل ٨ سنين أخذوه من أمه ، هل رأيتم العرب كيف كانوا قبل المصطفى صلى الله عليه وسلم طفل يأخذوه من أمه ويبيعوه ) ، وكانت خديجة متزوجة حديثا من رسول الله ، فلما وصل حكيم لمكة ، ذهبت السيدة خديجة تزور ابن أخيها حكيم وتسلم عليه ، فلما سلمت عليه وجلست معه وقبل ان تمشي ،
أراد حكيم أن يكرم عمته ويعطيها هدية
فأقسم عليها ،

? قال : ورب البيت ، يا عمة لا تخرجي إلا ومعك خادم تأُخذيهن مني كهدية اختاري يا عمة ، وسبحان الله كيف ألهمها الله إلى اختيار زيد ، مع أن زيد في الشكل لم يكن أجمل العبيد بالشكل
كان زيد كما يصفه الصحابة قصير ، أسمر ، شديد السمرة أفطس الأنف ،

? لم تختاره خديجة لجمال شكله ، لماذا اختارته خديجة ؟؟
حتى السيدة خديجة لا تدري ، إنها الروح وعالمها يا خير أمة ، إنه عالم آخر تلتقي فيه الأرواح ، يجمعهم الله بحبل محبته ، فلو ابتعدت الأجساد ولم تلتقي ، فهناك تجتمع الارواح في عالمها فالارواح جنود مجندة فما تعارف منها ائتلف وما تناكر منها اختلف ، اختارته لروحه التي تقابلت مع روحها ، أرواح تعانقت وكُتبت عند الله في علم الأزل قبل خلق آدم أحباب الله .
فلما تقابلت خديجة مع زيد والتقت في الدنيا الأجساد ائتلفت الأرواح مع بعضها البعض .

? نظرت خديجة لزيد وقالت : أعطني هذا الغلام يا ابن أخي !!! واختارت من بينهم زيد بن حارثة ، أخذت خديجة زيد بن حارثة وذهبت به إلى الدار فلما دخلت به إلى البيت .
قال لها النبي : من هذا ؟!!! ( طبعا هذا الكلام قبل نزول الوحي على النبي صلى الله عليه وسلم ) .
قالت : غلام أعطاني إياه ابن أخي حكيم هدية ، فنظر النبي صلى الله عليه وسلم إليه نظرة شفقة ورحمة ( طفل صغير يُحزن القلب ) .
قال : يا خديجة إن هذا الغلام ليس أعجمي !! ثم وضع يده على رأس زيد بكل لطف وشفقة .
وقال لزيد : يا غلام أتعرف أباك ؟
قال : نعم أنا زيد بن حارثة بن شرحبيل بن كعب الكلبي ، فنظر النبي إلى خديجة
وقال : أجل ، إن دمه عربي وروحه تدل على ذلك .
فقالت خديجة : إني أراه قد شد انتباهك يا محمد وأنا أهبه لك واجعل رقبته في يديك فأصنع به ما تشاء ( رأت خديجة النبي شفق عليه طفل يباع ويشترى بهذا العمر ، فتحركت في قلبه الرحمة المحمدية ) .
فأخذه النبي ثم نظر إليه صلى الله عليه وسلم ،
وقال : يا غلام انت حر من اليوم ( صلى الله عليك وسلم يا حبيبي يارسول الله )
يا غلام انت حر من اليوم إن شئت أقم في بيت محمد معززاً مكرماً ، وإن شئت أن ترجع إلى أهلك فارجع .

? لما رأى زيد هذه الرّقة والحنان والرحمة من رسول الله .
قال له : بل أبقى معك ، وأقام زيد عند الرسول حر لا خادم ولا مملوك ، بل حر طليق ولكنه سكن في بيت النبي ( وهذا الكلام قبل نزول الوحي ، ولم يكن هناك تشريع ولا وحي ولا فرض الحجاب وما في حرج أن يختلط زيد بأهل البيت ) .

? وما زال يتربى زيد ويتعلم من أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم مكارم الأخلاق
وأحبه النبي كثيراً ، فزيد رضي الله عنه
كان خفيف الظل خفيف الروح شخصيته محبوبة ، وكان مخلص في خدمة النبي صلى الله عليه وسلم ، ومضت الأيام
وكان أهل زيد يبحثوا عنه بين العرب
وسمع أبوه أن زيد في مكة عند رجل اسمه محمد بن عبدالله .
فجاء أبوه يبحث عنه ومعه أعمام زيد وبعض معارفهم ، فدخل مكة وأخذ يسأل أين نجد محمد بن عبدالله ؟؟
فأشاروا لهم إليه ذلك محمد جالس عند تلك الجماعة من الناس ، فذهبوا إليه وتقدموا وسلموا على القوم .

? ثم قال أبو زيد للنبي صلى الله عليه وسلم : يا محمد يا ابن سيد قومه إنكم أهل حرم تفكوّن العاني وتطلقون الأسير وتعينوا على مواقف الدهر ، ولقد أتينا نفدي ولدنا .
فقال له النبي : وما ذاك ؟
قال له : ابني زيد أنا حارثة والده وهذا عمه ، وقد علمنا يا محمد أنه عندك ونحن نفديه بالمال فاطلب ما شئت يا محمد .
فقال لهم النبي صلى الله عليه وسلم :_ ألا لكم في خير من هذا ( يعني أحسن من إنكم تدفعوا مال وتحرروا ابنكم أعطيكم خيار أفضل ) .
قالوا : وما هو ؟
قال لهم النبي صلى الله عليه وسلم : نرسل إلى زيد وأنا معكم ثم نخيره ( هم لا يعلمون أن ابنهم حر طليق من أول يوم كان عند الرسول ) فإن اختاركم فهو لكم !!!
وإن اختارني فما أنا بالذي يختار على ما يختارني من شيء ، فصاح عمه لزيد .
وقال : أنصفت وعدلت وزدت بالعدل .

? فأرسل النبي شخص يحضر زيد ولم يفارق مجلسهم ( حتى لا يظنوا أنه ذهب وهدد الصبي ) ، فلما جاء زيد نظر فرأى أبوه وعمه فعرفهم ، فذهب مسرعاً نحوهم وعانقهم .
فقال له النبي صلى الله عليه وسلم : يا زيد أتعرف هؤلاء القوم ؟؟
قال : نعم هذا والدي وهذا عمي وهذا فلان وهذا فلان من قومنا .
فقال له النبي : اجلس يا زيد ، فجلس .
قال : يا زيد القوم قدموا لفدائك وأنا أخيرك بيني وبينهم فإن اخترتهم فأنت لهم بلا فداء وإن اخترتني كان لي معك شأن آخر ، فنظر زيد إلى والده واعمامه
ثم نظر إلى النبي صلى الله عليه وسلم

? وقال : ما انا الذي أختار عليك أحدا ، بل أختارك أنت يا أبا القاسم .
فصاح عمه وأبوه !!!! وقالوا : زيد ، زيد !! لا أمك لك ( شتيمة مؤدبة عند العرب تعني يأيامنا هزمتك أمك ) أتختار العبودية على الحرية ؟ !!!

? فقال لهم زيد : لو عرفتم هذا الرجل وأشار إلى النبي بيده لوعرفتم هذا الرجل وعشتم معه لأخترتم أنتم أن تكونوا عبيد عنده ، هل تعلمون أنه أعطاني حريتي من اليوم الأول وأنا أعيش في بيته كواحد من أهله ؟؟

? نظر للنبي وكرر قوله : أختارك أنت يا أبا القاسم .
تعجب أهله !!! فأمسك النبي صلى الله عليه وسلم بيد زيد وقام ووقف في صحن الكعبة ونادى يا معشر قريش ومن حضر من العرب ( لأن حول الكعبة هناك عرب من خارج مكة ليس فقط من قريش )
يا معشر قريش ومن حضر من العرب اشهدوا أن زيد ابن محمد يَرثني وأرثه ، هو من اليوم ابني ، وكان هذه من عادة العرب التبني قبل أن ينزل الوحي والقرآن ويبطل التبني .

? فلما نزل الوحي على رسول الله وتشريعات الدين الحنيف ، أنزل الله تعالى على نبيه : ما كان محمد أبا أحد من رجالكم ولكن رسول الله وخاتم النبيين ) ، وقال تعالى : ادعوهم لآبائهم هو أقسط عند الله فإن لم تعلموا آباءهم فإخوانكم في الدين ، فبطل التبني .

? تبناه صلى الله عليه وسلم قبل ما يوحى إليه . وسمع عمه وأبوه أن زيد إبنهم أصبح ابن محمد ففرحوا ، لأن بدل أن يكون زيد بن حارثة من عامة الناس أصبح زيد ابنهم زيد بن محمد من أشراف العرب وخدم البيت الحرام .
وقالوا : يا محمد لقد أكرمتنا أكثر مما توقعنا !!!
ورجعوا إلى ديارهم وتركوا زيد ابنهم مع هذا الشرف العظيم في مكة ، ولما نزل الوحي على رسول الله كان زيد بن حارثة أول من أسلم مع الصحابة الكرام السابقين إلى الإسلام .

الأنوار المحمدية ❤
صلى الله عليه وسلم

يتبع بإذن الله... دار الأرقم..
 
عودة
أعلى