تعريف المواقيت
المواقيت في اللغة:
جمع ميقات، وهو الوقت المضروب للفعل والموضع، ثم استعير للمكان، ومنه مواقيت الحج لمواضع الإحرام يقال: هذا ميقات أهل الشام: للموضع الذي يحرمون منه <br/> ((أنيس الفقهاء)) للقونوي (ص: 16)، وقال الحافظ: المواقيت جمع ميقات وهو مفعال من الوقت وهو القدر المحدد للفعل من الزمان أو المكان. ((فتح الباري)) لابن حجر(2/3). .
المواقيت في الاصطلاح: زمان النسك وموضع الإحرام له
مواقيت الحج الزمانية
المبحث الأول: أشهر الحج
اختلف أهل العلم في تحديد مواقيت الحج الزمانية على أقوال، أشهرها:
القول الأول: أن وقت الإحرام بالحج: شوال وذو القعدة، وعشر من ذي الحجة، وهذا مذهب الحنفية <br/> ((المبسوط)) للسرخسي (4/55) ((الهداية شرح البداية)) للمرغياني(1/159). ، والحنابلة <br/> ((المغني)) لابن قدامة (3/275)، ((الإنصاف)) للمرداوي (3/305). ، وبه قال طائفة من السلف <br/> منهم: ابن مسعود وابن عباس رضي الله عنهم عطاء في إحدى الروايتين عنه، ومجاهد، والحسن، والشعبي، والنخعي، وقتادة، والثوري. ((تفسير الطبري)) (4/115)، ((المحلى)) لابن حزم (7/69 رقم 821)، ((المغني)) لابن قدامة (3/275). ، واختاره الطبري <br/> قال الطبري: (الصواب من القول في ذلك عندنا، قول من قال: إن معنى ذلك: الحج شهران وعشر من الثالث; لأن ذلك من الله خبر عن ميقات الحج، ولا عمل للحج يعمل بعد انقضاء أيام منى، فمعلوم أنه لم يعن بذلك جميع الشهر الثالث، وإذا لم يكن معنياً به جميعه، صح قول من قال: وعشر ذي الحجة). ((تفسير الطبري)) (4/120). ، وابن تيمية <br/> ((مجموع الفتاوى)) لابن تيمية (26/101). ، وابن باز <br/> ((مجموع فتاوى ابن باز)) (16/48). ، واللجنة الدائمة <br/> ((فتاوى اللجنة الدائمة)) - المجموعة الأولى (11/164). .
الأدلة:
أولاً: من السنة:
1- عن ابن عمر رضي الله عنهما: ((أن رسول الله صلى الله عليه وسلم وقف يوم النحر بين الجمرات في الحجة التي حج، فقال: أي يوم هذا؟ قالوا: يوم النحر، قال: هذا يوم الحج الأكبر)) <br/> رواه البخاري (1742). .
وجه الدلالة:
أنه نص أن يوم النحر يوم الحج الأكبر، ولا يجوز أن يكون يوم الحج الأكبر ليس من أشهره <br/> ((الشرح الممتع)) لابن عثيمين (7/56). .
2- عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: ((بعثني أبو بكر في تلك الحجة في مؤذنين يوم النحر، نؤذن بمنى: أن لا يحج بعد العام مشرك ولا يطوف بالبيت عريان)) رواه البخاري، ومسلم <br/> رواه البخاري (369)، ومسلم (1347). .
وجه الدلالة:
أن ذلك كان امتثالاً لقوله تعالى: وَأَذَانٌ مِّنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى النَّاسِ يَوْمَ الْحَجِّ الأَكْبَرِ... [التوبة: 3]، وإذا كان يوم النحر هو يوم الحج الأكبر، فتعين أن يكون من أشهر الحج.
ثانياً: الآثار عن الصحابة رضي الله عنهم:
1- عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه قال: ((أشهر الحج: شوال، وذو القعدة، وعشر من ذي الحجة)).
2- عن عبدالله ابن مسعود رضي الله عنه قال: ((شوال، وذو القعدة، وعشر ذي الحجة)) <br/> أخرجه الطبري في ((تفسيره((. .
3- عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: ((هن: شوال، وذو القعدة، وعشر من ذي الحجة، جعلهن الله سبحانه للحج، وسائر الشهور للعمرة، فلا يصلح أن يحرم أحد بالحج إلا في أشهر الحج، والعمرة يحرم بها في كل شهر)) <br/> رواه الطبري في ((تفسيره)) (4/115). .
ثالثاً: أن يوم النحر فيه ركن الحج، وهو طواف الزيارة، وفيه كثير من أفعال الحج الواجبة، منها: رمي جمرة العقبة، والنحر، والحلق، والطواف، والسعي، والرجوع إلى منى، ومستبعد أن يوضع لأداء ركن العبادة وواجباتها وقت ليس وقتها، ولا هو منه <br/> ((بداية المجتهد)) لابن رشد (1/325). .
القول الثاني: أن وقت الحج شوال وذو القعدة وشهر ذي الحجة إلى آخره، وهذا مذهب المالكية <br/> ((الكافي في فقه أهل المدينة)) (1/357) ((مواهب الجليل)) للحطاب (4/22). ، ونُقِلَ عن الشافعي في القديم <br/> ((فتح الباري)) لابن حجر (3/420) ، وبه قال طائفة من السلف <br/> منهم: ابن عمر وابن عباس رضي الله عنهم وعطاء في الرواية الأخرى عنه، وطاوس، وعروة بن الزبير، والربيع بن أنس. ((المحلى)) لابن حزم (7/69 رقم 821)، ((مجلة البحوث الإسلامية)) (72/264). ، واختاره ابن حزم <br/> ((المحلى)) لابن حزم (7/69 رقم 821). ، والوزير ابن هبيرة <br/> ((الإنصاف)) للمرداوي (3/305) ، والشوكاني <br/> قال الشوكاني: (الحق ما ذهب إليه الأولون إن كانت الأشهر المذكورة في قوله: الْحَجُّ أَشْهُرٌ *البقرة: 197* مختصة بالثلاثة المذكورة بنص أو إجماع فإن لم يكن كذلك، فالأشهر جمع شهر، وهو من جموع القلة يتردد ما بين الثلاثة إلى العشرة، والثلاثة هي المتيقنة، فيجب الوقوف عندها). ((تفسير فتح القدير)) (1/408، 409). ، وابن عثيمين <br/> قال ابن عثيمين: (الصواب ما ذهب إليه الإمام مالك رحمه الله من أن أشهر الحج ثلاثة، كما هو ظاهر القرآن، شوال، وذو القعدة، وذو الحجة). ((مجموع فتاوى ورسائل العثيمين)) (21/380)، ((الشرح الممتع)) لابن عثيمين (7/55، 56). .
الأدلة:
أولاً: من الكتاب:
قال الله تعالى الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَّعْلُومَاتٌ فَمَن فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلاَ رَفَثَ وَلاَ فُسُوقَ وَلاَ جِدَالَ فِي الْحَجِّ [البقرة: 197].
وجه الدلالة:
أن الآية عبرت بالجمع (أشهر)، وأقل الجمع ثلاث، فلا بد من دخول ذي الحجة بكماله <br/> ((المحلى)) لابن حزم (7/69 رقم 821)، ((بداية المجتهد)) لابن رشد(1/325). .
ثانياً: الآثار عن الصحابة رضي الله عنهم:
عن ابن جريج، قال: قلت لنافع: أسمعت ابن عمر يسمي أشهر الحج؟ قال: نعم، كان يسمي شوالاً، وذا القعدة، وذا الحجة <br/> ((تفسير الطبري)) (4/117). ، وصح عن ابن عباس رضي الله عنهما نحوه <br/> ((المحلى)) لابن حزم (7/69 رقم 821). .
ثالثاً: أن من أيام الحج اليوم الحادي عشر، واليوم الثاني عشر، واليوم الثالث عشر، يفعل فيها من أعمال الحج: الرمي، والمبيت، فكيف نخرجها من أشهر الحج وهي أوقات لأعمال الحج؟! <br/> ((الشرح الممتع)) لابن عثيمين (7/55، 56). .
رابعاً: أن طواف الإفاضة من فرائض الحج، ويجوز أن يكون في ذي الحجة كله بلا خلاف منهم; فصح أنها ثلاثة أشهر <br/> ((المحلى)) لابن حزم (7/69 رقم 821). .
المبحث الثاني: الإحرام قبل أشهر الحج
اختلف أهل العلم في حكم الإحرام بالحج قبل أشهره على أقوال منها:
القول الأول: يصح الإحرام بالحج وينعقد قبل أشهر الحج، لكن مع الكراهة، وهذا مذهب جمهور الفقهاء من الحنفية <br/> ((البحر الرائق)) لابن نجيم (2/343)، ((حاشية ابن عابدين)) (2/531). ، والمالكية <br/> ((الذخيرة)) للقرافي (3/204)، ((مواهب الجليل)) للحطاب (4/24). ، والحنابلة <br/> ((الإنصاف)) للمرداوي (3/305)، ((كشاف القناع)) للبهوتي (2/405). . واختيار ابن باز <br/> قال ابن باز: (له أن يحرم قبل أشهر الحج، ولكن له أن يفسخ إلى عمرة... ويكون للكراهة). ((اختيارات الشيخ ابن باز الفقهية)) لخالد آل حامد (2/946)
الأدلة:
أولاً: من الكتاب:
1- قال الله تعالى: الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَّعْلُومَاتٌ [البقرة: 197].
وجه الدلالة:
أن معنى الآية: الحج (حج) أشهر معلومات، فعلى هذا التقدير يكون الإحرام بالحج فيها أكمل من الإحرام به فيما عداها، وإن كان ذاك صحيحاً.
2- قوله تعالى: وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ [البقر: 196].
وجه الدلالة:
أنه متى أحرم انعقد إحرامه؛ لأنه مأمور بالإتمام <br/> ((بداية المجتهد)) لابن رشد(1/325). .
3- قوله تعالى: يَسْأَلونَكَ عَنِ الْأَهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ [البقرة: 189].
وجه الدلالة:
أن الألف واللام في الأهلة للعموم، فيقتضي أن سائر الأهلة ميقات للحج <br/> ((مواهب الجليل)) للحطاب (4/25). .
ثانياً: عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: ((من السنة أن لا يحرم بالحج إلا في أشهر الحج)) <br/> رواه البخاري معلقاً بصيغة الجزم قبل حديث (1560)، ووصله ابن أبي شيبة في ((المصنف)) (3/777)، وابن خزيمة (4/162) (2596)، والدارقطني في ((السنن)) (2/233)، والطبراني (11/388) (12112)، والحاكم (1/616)، والبيهقي (4/343) (8980). قال الحاكم: (صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه)، وصحح إسناده النووي في ((المجموع)) (7/145)، وابن كثير في ((إرشاد الفقيه)) (1/308).. .
ثالثاً: أن التوقيت ضربان: توقيت مكان وزمان، وقد ثبت أنه لو تقدم إحرامه على ميقات المكان صح، فكذا لو تقدم على ميقات الزمان <br/> ((الذخيرة)) للقرافي (3/204)، ((المجموع)) للنووي (7/144). .
رابعاً: أن الإحرام بالحج يصح في زمان لا يمكن إيقاع الأفعال فيه، وهو شوال، فعلم أنه لا يختص بزمان <br/> ((المجموع)) للنووي (7/144). .
القول الثاني: أنه لا ينعقد إحرامه بالحج قبل أشهره، وينعقد عمرة، وهذا مذهب الشافعية <br/> ((الحاوي الكبير)) للماوردي (4/28)، ((المجموع)) للنووي (7/144). ، وقولٌ للمالكية <br/> ((مواهب الجليل)) للحطاب (4/25). ، ورواية عن أحمد <br/> ((الإنصاف)) للمرداوي (3/305). ، وبه قال طائفةٌ من السلف <br/> من هؤلاء: عطاء، وطاوس، ومجاهد، والأوزاعي وأبو ثور. ((المحلى)) لابن حزم (7/66)، ((المجموع)) للنووي (7/144). ، واختاره ابن عثيمين <br/> قال ابن عثيمين: (الصحيح أنه لا يجوز أن يحرم قبل الميقات الزماني، وأنه لو أحرم بالحج قبل دخول شهر شوال صار الإحرام عمرة لا حجا؛ لأن الله قال: الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَّعْلُومَاتٌ *البقرة: 197*، وهذا أحرم قبل دخول أشهر الحج، فيكون إحرامه عمرة، كما لو صلى الظهر قبل الزوال، فينعقد نفلاً). ((الشرح الممتع)) لابن عثيمين (7/57). .
الأدلة:
أولاً: من الكتاب:
قال الله تعالى: الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَّعْلُومَاتٌ [البقرة: 197].
وجه الدلالة:
أن ظاهر الآية أن ميقات الحج في أشهره، فيجب انحصار الحج فيه، فلا يصح قبله، ولو كان يجوز الإحرام للحج في سائر شهور السنة لم يكن للآية فائدة <br/> ((مواهب الجليل)) للحطاب (4/25). .
ثانياً: الآثار عن الصحابة رضي الله عنهم:
1- عن أبي الزبير قال: ((سئل جابر: أهل بالحج في غير أشهر الحج، قال: لا)) <br/> رواه ابن أبي شيبة في ((المصنف)) (3/778)، والدارقطني في ((السنن)) (2/234)، والبيهقي (4/343) (8979). وصحح إسناده النووي في ((المجموع)) (7/145).. .
2- عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: ((لا يحرم بالحج إلا في أشهره، فإن من سنة الحج أن يحرم بالحج في أشهر الحج)) <br/> رواه البخاري معلقاً بصيغة الجزم قبل حديث (1560)، ووصله ابن أبي شيبة في ((المصنف)) (3/777)، وابن خزيمة (4/162) (2596)، والدارقطني في ((السنن)) (2/233)، والطبراني (11/388) (12112)، والحاكم (1/616)، والبيهقي (4/343) (8980). قال الحاكم: (صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه)، وصحح إسناده النووي في ((المجموع)) (7/145)، وابن كثير في ((إرشاد الفقيه)) (1/308). .
ثالثاً: أن الإحرام نسك من مناسك الحج، فكان مؤقتاً، كالوقوف بعرفة والطواف.
رابعاً: أنه ميقات للعبادة فلا يصح قبله، كما لا تصح الصلاة قبل ميقاتها <br/> ((بداية المجتهد)) لابن رشد (1/325)، ((المجموع)) للنووي (7/145). .
خامساً: أن من التزم عبادة في وقت نظيرتها انقلبت إلى النظير مثل أن يصوم نذراً في أيام رمضان، أو يصلي الفرض قبل وقته، فإنه ينقلب تطوعاً <br/> ((بداية المجتهد)) لابن رشد (1/325). .
المواقيت في اللغة:
جمع ميقات، وهو الوقت المضروب للفعل والموضع، ثم استعير للمكان، ومنه مواقيت الحج لمواضع الإحرام يقال: هذا ميقات أهل الشام: للموضع الذي يحرمون منه <br/> ((أنيس الفقهاء)) للقونوي (ص: 16)، وقال الحافظ: المواقيت جمع ميقات وهو مفعال من الوقت وهو القدر المحدد للفعل من الزمان أو المكان. ((فتح الباري)) لابن حجر(2/3). .
المواقيت في الاصطلاح: زمان النسك وموضع الإحرام له
مواقيت الحج الزمانية
المبحث الأول: أشهر الحج
اختلف أهل العلم في تحديد مواقيت الحج الزمانية على أقوال، أشهرها:
القول الأول: أن وقت الإحرام بالحج: شوال وذو القعدة، وعشر من ذي الحجة، وهذا مذهب الحنفية <br/> ((المبسوط)) للسرخسي (4/55) ((الهداية شرح البداية)) للمرغياني(1/159). ، والحنابلة <br/> ((المغني)) لابن قدامة (3/275)، ((الإنصاف)) للمرداوي (3/305). ، وبه قال طائفة من السلف <br/> منهم: ابن مسعود وابن عباس رضي الله عنهم عطاء في إحدى الروايتين عنه، ومجاهد، والحسن، والشعبي، والنخعي، وقتادة، والثوري. ((تفسير الطبري)) (4/115)، ((المحلى)) لابن حزم (7/69 رقم 821)، ((المغني)) لابن قدامة (3/275). ، واختاره الطبري <br/> قال الطبري: (الصواب من القول في ذلك عندنا، قول من قال: إن معنى ذلك: الحج شهران وعشر من الثالث; لأن ذلك من الله خبر عن ميقات الحج، ولا عمل للحج يعمل بعد انقضاء أيام منى، فمعلوم أنه لم يعن بذلك جميع الشهر الثالث، وإذا لم يكن معنياً به جميعه، صح قول من قال: وعشر ذي الحجة). ((تفسير الطبري)) (4/120). ، وابن تيمية <br/> ((مجموع الفتاوى)) لابن تيمية (26/101). ، وابن باز <br/> ((مجموع فتاوى ابن باز)) (16/48). ، واللجنة الدائمة <br/> ((فتاوى اللجنة الدائمة)) - المجموعة الأولى (11/164). .
الأدلة:
أولاً: من السنة:
1- عن ابن عمر رضي الله عنهما: ((أن رسول الله صلى الله عليه وسلم وقف يوم النحر بين الجمرات في الحجة التي حج، فقال: أي يوم هذا؟ قالوا: يوم النحر، قال: هذا يوم الحج الأكبر)) <br/> رواه البخاري (1742). .
وجه الدلالة:
أنه نص أن يوم النحر يوم الحج الأكبر، ولا يجوز أن يكون يوم الحج الأكبر ليس من أشهره <br/> ((الشرح الممتع)) لابن عثيمين (7/56). .
2- عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: ((بعثني أبو بكر في تلك الحجة في مؤذنين يوم النحر، نؤذن بمنى: أن لا يحج بعد العام مشرك ولا يطوف بالبيت عريان)) رواه البخاري، ومسلم <br/> رواه البخاري (369)، ومسلم (1347). .
وجه الدلالة:
أن ذلك كان امتثالاً لقوله تعالى: وَأَذَانٌ مِّنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى النَّاسِ يَوْمَ الْحَجِّ الأَكْبَرِ... [التوبة: 3]، وإذا كان يوم النحر هو يوم الحج الأكبر، فتعين أن يكون من أشهر الحج.
ثانياً: الآثار عن الصحابة رضي الله عنهم:
1- عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه قال: ((أشهر الحج: شوال، وذو القعدة، وعشر من ذي الحجة)).
2- عن عبدالله ابن مسعود رضي الله عنه قال: ((شوال، وذو القعدة، وعشر ذي الحجة)) <br/> أخرجه الطبري في ((تفسيره((. .
3- عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: ((هن: شوال، وذو القعدة، وعشر من ذي الحجة، جعلهن الله سبحانه للحج، وسائر الشهور للعمرة، فلا يصلح أن يحرم أحد بالحج إلا في أشهر الحج، والعمرة يحرم بها في كل شهر)) <br/> رواه الطبري في ((تفسيره)) (4/115). .
ثالثاً: أن يوم النحر فيه ركن الحج، وهو طواف الزيارة، وفيه كثير من أفعال الحج الواجبة، منها: رمي جمرة العقبة، والنحر، والحلق، والطواف، والسعي، والرجوع إلى منى، ومستبعد أن يوضع لأداء ركن العبادة وواجباتها وقت ليس وقتها، ولا هو منه <br/> ((بداية المجتهد)) لابن رشد (1/325). .
القول الثاني: أن وقت الحج شوال وذو القعدة وشهر ذي الحجة إلى آخره، وهذا مذهب المالكية <br/> ((الكافي في فقه أهل المدينة)) (1/357) ((مواهب الجليل)) للحطاب (4/22). ، ونُقِلَ عن الشافعي في القديم <br/> ((فتح الباري)) لابن حجر (3/420) ، وبه قال طائفة من السلف <br/> منهم: ابن عمر وابن عباس رضي الله عنهم وعطاء في الرواية الأخرى عنه، وطاوس، وعروة بن الزبير، والربيع بن أنس. ((المحلى)) لابن حزم (7/69 رقم 821)، ((مجلة البحوث الإسلامية)) (72/264). ، واختاره ابن حزم <br/> ((المحلى)) لابن حزم (7/69 رقم 821). ، والوزير ابن هبيرة <br/> ((الإنصاف)) للمرداوي (3/305) ، والشوكاني <br/> قال الشوكاني: (الحق ما ذهب إليه الأولون إن كانت الأشهر المذكورة في قوله: الْحَجُّ أَشْهُرٌ *البقرة: 197* مختصة بالثلاثة المذكورة بنص أو إجماع فإن لم يكن كذلك، فالأشهر جمع شهر، وهو من جموع القلة يتردد ما بين الثلاثة إلى العشرة، والثلاثة هي المتيقنة، فيجب الوقوف عندها). ((تفسير فتح القدير)) (1/408، 409). ، وابن عثيمين <br/> قال ابن عثيمين: (الصواب ما ذهب إليه الإمام مالك رحمه الله من أن أشهر الحج ثلاثة، كما هو ظاهر القرآن، شوال، وذو القعدة، وذو الحجة). ((مجموع فتاوى ورسائل العثيمين)) (21/380)، ((الشرح الممتع)) لابن عثيمين (7/55، 56). .
الأدلة:
أولاً: من الكتاب:
قال الله تعالى الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَّعْلُومَاتٌ فَمَن فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلاَ رَفَثَ وَلاَ فُسُوقَ وَلاَ جِدَالَ فِي الْحَجِّ [البقرة: 197].
وجه الدلالة:
أن الآية عبرت بالجمع (أشهر)، وأقل الجمع ثلاث، فلا بد من دخول ذي الحجة بكماله <br/> ((المحلى)) لابن حزم (7/69 رقم 821)، ((بداية المجتهد)) لابن رشد(1/325). .
ثانياً: الآثار عن الصحابة رضي الله عنهم:
عن ابن جريج، قال: قلت لنافع: أسمعت ابن عمر يسمي أشهر الحج؟ قال: نعم، كان يسمي شوالاً، وذا القعدة، وذا الحجة <br/> ((تفسير الطبري)) (4/117). ، وصح عن ابن عباس رضي الله عنهما نحوه <br/> ((المحلى)) لابن حزم (7/69 رقم 821). .
ثالثاً: أن من أيام الحج اليوم الحادي عشر، واليوم الثاني عشر، واليوم الثالث عشر، يفعل فيها من أعمال الحج: الرمي، والمبيت، فكيف نخرجها من أشهر الحج وهي أوقات لأعمال الحج؟! <br/> ((الشرح الممتع)) لابن عثيمين (7/55، 56). .
رابعاً: أن طواف الإفاضة من فرائض الحج، ويجوز أن يكون في ذي الحجة كله بلا خلاف منهم; فصح أنها ثلاثة أشهر <br/> ((المحلى)) لابن حزم (7/69 رقم 821). .
المبحث الثاني: الإحرام قبل أشهر الحج
اختلف أهل العلم في حكم الإحرام بالحج قبل أشهره على أقوال منها:
القول الأول: يصح الإحرام بالحج وينعقد قبل أشهر الحج، لكن مع الكراهة، وهذا مذهب جمهور الفقهاء من الحنفية <br/> ((البحر الرائق)) لابن نجيم (2/343)، ((حاشية ابن عابدين)) (2/531). ، والمالكية <br/> ((الذخيرة)) للقرافي (3/204)، ((مواهب الجليل)) للحطاب (4/24). ، والحنابلة <br/> ((الإنصاف)) للمرداوي (3/305)، ((كشاف القناع)) للبهوتي (2/405). . واختيار ابن باز <br/> قال ابن باز: (له أن يحرم قبل أشهر الحج، ولكن له أن يفسخ إلى عمرة... ويكون للكراهة). ((اختيارات الشيخ ابن باز الفقهية)) لخالد آل حامد (2/946)
الأدلة:
أولاً: من الكتاب:
1- قال الله تعالى: الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَّعْلُومَاتٌ [البقرة: 197].
وجه الدلالة:
أن معنى الآية: الحج (حج) أشهر معلومات، فعلى هذا التقدير يكون الإحرام بالحج فيها أكمل من الإحرام به فيما عداها، وإن كان ذاك صحيحاً.
2- قوله تعالى: وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ [البقر: 196].
وجه الدلالة:
أنه متى أحرم انعقد إحرامه؛ لأنه مأمور بالإتمام <br/> ((بداية المجتهد)) لابن رشد(1/325). .
3- قوله تعالى: يَسْأَلونَكَ عَنِ الْأَهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ [البقرة: 189].
وجه الدلالة:
أن الألف واللام في الأهلة للعموم، فيقتضي أن سائر الأهلة ميقات للحج <br/> ((مواهب الجليل)) للحطاب (4/25). .
ثانياً: عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: ((من السنة أن لا يحرم بالحج إلا في أشهر الحج)) <br/> رواه البخاري معلقاً بصيغة الجزم قبل حديث (1560)، ووصله ابن أبي شيبة في ((المصنف)) (3/777)، وابن خزيمة (4/162) (2596)، والدارقطني في ((السنن)) (2/233)، والطبراني (11/388) (12112)، والحاكم (1/616)، والبيهقي (4/343) (8980). قال الحاكم: (صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه)، وصحح إسناده النووي في ((المجموع)) (7/145)، وابن كثير في ((إرشاد الفقيه)) (1/308).. .
ثالثاً: أن التوقيت ضربان: توقيت مكان وزمان، وقد ثبت أنه لو تقدم إحرامه على ميقات المكان صح، فكذا لو تقدم على ميقات الزمان <br/> ((الذخيرة)) للقرافي (3/204)، ((المجموع)) للنووي (7/144). .
رابعاً: أن الإحرام بالحج يصح في زمان لا يمكن إيقاع الأفعال فيه، وهو شوال، فعلم أنه لا يختص بزمان <br/> ((المجموع)) للنووي (7/144). .
القول الثاني: أنه لا ينعقد إحرامه بالحج قبل أشهره، وينعقد عمرة، وهذا مذهب الشافعية <br/> ((الحاوي الكبير)) للماوردي (4/28)، ((المجموع)) للنووي (7/144). ، وقولٌ للمالكية <br/> ((مواهب الجليل)) للحطاب (4/25). ، ورواية عن أحمد <br/> ((الإنصاف)) للمرداوي (3/305). ، وبه قال طائفةٌ من السلف <br/> من هؤلاء: عطاء، وطاوس، ومجاهد، والأوزاعي وأبو ثور. ((المحلى)) لابن حزم (7/66)، ((المجموع)) للنووي (7/144). ، واختاره ابن عثيمين <br/> قال ابن عثيمين: (الصحيح أنه لا يجوز أن يحرم قبل الميقات الزماني، وأنه لو أحرم بالحج قبل دخول شهر شوال صار الإحرام عمرة لا حجا؛ لأن الله قال: الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَّعْلُومَاتٌ *البقرة: 197*، وهذا أحرم قبل دخول أشهر الحج، فيكون إحرامه عمرة، كما لو صلى الظهر قبل الزوال، فينعقد نفلاً). ((الشرح الممتع)) لابن عثيمين (7/57). .
الأدلة:
أولاً: من الكتاب:
قال الله تعالى: الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَّعْلُومَاتٌ [البقرة: 197].
وجه الدلالة:
أن ظاهر الآية أن ميقات الحج في أشهره، فيجب انحصار الحج فيه، فلا يصح قبله، ولو كان يجوز الإحرام للحج في سائر شهور السنة لم يكن للآية فائدة <br/> ((مواهب الجليل)) للحطاب (4/25). .
ثانياً: الآثار عن الصحابة رضي الله عنهم:
1- عن أبي الزبير قال: ((سئل جابر: أهل بالحج في غير أشهر الحج، قال: لا)) <br/> رواه ابن أبي شيبة في ((المصنف)) (3/778)، والدارقطني في ((السنن)) (2/234)، والبيهقي (4/343) (8979). وصحح إسناده النووي في ((المجموع)) (7/145).. .
2- عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: ((لا يحرم بالحج إلا في أشهره، فإن من سنة الحج أن يحرم بالحج في أشهر الحج)) <br/> رواه البخاري معلقاً بصيغة الجزم قبل حديث (1560)، ووصله ابن أبي شيبة في ((المصنف)) (3/777)، وابن خزيمة (4/162) (2596)، والدارقطني في ((السنن)) (2/233)، والطبراني (11/388) (12112)، والحاكم (1/616)، والبيهقي (4/343) (8980). قال الحاكم: (صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه)، وصحح إسناده النووي في ((المجموع)) (7/145)، وابن كثير في ((إرشاد الفقيه)) (1/308). .
ثالثاً: أن الإحرام نسك من مناسك الحج، فكان مؤقتاً، كالوقوف بعرفة والطواف.
رابعاً: أنه ميقات للعبادة فلا يصح قبله، كما لا تصح الصلاة قبل ميقاتها <br/> ((بداية المجتهد)) لابن رشد (1/325)، ((المجموع)) للنووي (7/145). .
خامساً: أن من التزم عبادة في وقت نظيرتها انقلبت إلى النظير مثل أن يصوم نذراً في أيام رمضان، أو يصلي الفرض قبل وقته، فإنه ينقلب تطوعاً <br/> ((بداية المجتهد)) لابن رشد (1/325). .